HOŞGÖRÜ

05 Nisan 2007

 

06-10 Nisan 2007 TAHRAN

 

بـســــــم الله الرحمن الرحيم

 

من خصائص السيرة النبوية الشريفة الشخصية

التسامح و اليسـر

استاذ دكتور على أوزاك

رئيس وقف دراسات العلوم الاسلامية

اسطنبول-تزكيا

الحمد لله رب العالمين و الصلاة  و السلام على رسول الله خير الخلق و على آله  و صحبه اجمعين

ان التسامح  و اليسـر من الخصائص الشخصية فى السيرة النبوية الشريفة. لذلك جدير بها ان يبحث و يهتم. و انا اخترت هذا البحث لاننا الآن فى العالم الاسلامى نحتاج الى التسامح و اليسر الذان طبقهما الرسول صلى الله عليه و سلم فى حياته بعد ان ولد الى وفاته.

إذا أردنا أن ُنعرّف التسامح اصطلاحا : "هو التفاهم و المعاشرة مع الناس بالسهولة وتطبيق   اليـسر فى كل  ما يصدر من الناس من الأفعال والسلوك".

التسامح من الأهمية بمكان في السيرة النبوية. اذ أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حث على التسامح وقام بتطبيقه بين الناس عمليا  و بَيّن كيفية  التسامح بين أهل الأديان. وهناك آيات كثيرة وردت في القرآن الكريم بهذا الشأن.

إن التسامح  صورة من صور السلوك الإنسانية وهو بمعنى آخر أن يكون الإنسان متفاهما ومتوازنا. وتتحقق سعادة الناس الذين يعيشون معا بالتفاهم والتوازن أي التسامح واليسر تجاه الأخرين. ولذلك أن التسامح له أهمية كبيرة فى حياة الفرد و الجماعة. ومن معانى التسامح : التساهل والأبتعاد عن تضييق الناس في العلاقات معهم. والمعاملة الطيبة بين الناس وتسهيل الصعوبات وتقليل النـزاعات وتيسير المعاملات والتعامل مع  الناس بوجه طَلِق تُحقق حياة سليمة للمجتمع. وهناك شروط مقدمة لتحقيق التسامح ونحن  نحب أن نعرض بعض هذه الشروط بالإيجاز: 

1.           المسؤوليات فردية

وقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم  مبدأ المسؤولية الفردية وأهميتها و هذا التأكيد ظهر فى مسألة المرءة المخزومية حينما سرقت و قال الناس لاتقطع يدها بسبب منسوبيتها الى الاسرة الغنية  فقال الرسول ص  (  لو فاطمة بنت محمد لقطعت يدها ) . لان الناس مسؤولون عن أفعالهم سواء كان   ذكورا أو  إناثا . ولا يمكن لشخص أن يحمِّل ما عليه على الأخر وان كان ذا قربى  كما قال الله تعالي : 

قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ {الانعام-164}

فإن هذه الأية تشير إلى مبدأ المسؤولية الفردية . كل إنسان مسؤول عن فعله ولا يمكن نقل هذه المسؤولية على عاتق أي إنسان أخر. وتُعرف   هذه القاعدة في الحقوق بمبدأ " فردية الجريمة".

يقول الله تعالي في سورة يونس :

 وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ{يونس-41}

إن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم هو  التبليغ والإنذار والإبلاغ كما وردت في عدة مواضع من القرآن. لان الرسول صلى الله عليه وسلم مبشر ومنذر فحسب وليس من مسؤوليته اجبار الناس إعتناق الدين.  لو كان الأمر كذلك لآمن المشركون والكفار وعلى رأسهم  أبو جهل .  و لان الضلالة والهداية من الله في اعتقاد اهل السنة والجماعة . فإن مسؤولية الكفار على أنفسهم بالرغم من انذارهم ودعوتهم إلى الحق.  والرسول صلى الله عليه وسلم ليس مسؤولا عنهم . وتشتمل المسؤولية على الفرد بجانبها المادية والمعنوية على النظام الإسلامي . و لا يمكن  أن يتخلص الإنسان من مسؤولية أفعاله. وكل فرد مسؤول عن أفعاله الجسمية والأخلاقية والروحية في الحياة.

قال الله تعالي في سورة البقرة :

لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ {البقرة-286}

فالله سبحانه و تعالى يفيد اولا كلفة الناس و مسؤلياتهم ثم  يعلمهم كيف يدعون و يستغفرون. و هذه لطف و رحمة من الله تعالى لانه غفور و رحيم.

أ- الإعتدال (التوازن )

أهم السلوك التي تجعل الإنسان سعيدا وناجحا في حياته هو التوازن في كافة المجالات؛ فى الكلام مع الناس ، فى المعاملات الاجتماعية و التجارية و السياسية، فى التعليم و التربية ، فى الاعتقاد الدينى و التطبيقات الدينية ، و فى الحب و البغض كما ورد فى الحديث : احبب حبيبك هونا ما  عسى ان يكون بغيضك يوما ما ، و ابغض بغيضك هونا ما ، عسى ان يكون حبيبك يوماما .( ترمذى  بـر   59)

  إذ التوازن والإعتدال هو أن يكون الإنسان بين الإفراط والتفريط في حياته. هذا هو التوازن الذي يتمثل كمفتاح السعادة والنجاح للحياة . وقال الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رَوى عنه ابن ماجه في سننه :

عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف عن المحارم ولا حسب كحسن الخلق).

سنن ابن ماجة -  كتاب الزهد -  باب الورع والتقوى  - حديث رقم: 4218

 

أما الإعتدال من الناحية الدينية فيقول الإمام البخاري في كتاب الإيمان :

 

 

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة. )صحيح البخاري - كتاب الإيمان - باب الدين يسر  -  حديث رقم: 39.(

هنا اريد ان أشير الى نقطة مهمة و هى ان علماء المسلمين منهم المتشددون و منهم المتسهلون  و المتشددون اختاروا دائما  الصعب  فى المعاملات الدينية و الدنيوية فاصبحوا ملكيين اكثر من ملك مع ان الرسول ص قال فى حديثه المشهور: يسروا و لا تعسروا ، بشروا و لا تنفروا  و قال الله تعالى : يريد الله ان يخفف عنكم و خلق  الانسان ضعيفا .

اما المتسهلون فانهم أرادوا ان يسهلوا فى الدين الا انهم خافوا من المتشددين من اتهاماتهم و تحريك الناس عليهم لذلك هم ايضا ما فعلوا شيئا مع ان الرسول  ص  قال فى حديثه القدسى الذى رواه عن الله تعالى : أنا  عند ظن عبدى بى (فليظن بى ما شاء) بخارى ـ توحيد 15, 35  و هذا يدل على ان كل مجتهد حينما يجتهد يظن ان المراد  الالهى كما يظنه . لو كان المجتهد اختار الاسهل لكان الاسلام سهلا و تحقق امر الرسول ص  و طبق الاسلام فى البلاد الاسلامية بسهولة و يسر.

ب- حب  الخير

من العوامل التي تكوِّن وتطور التسامح هو أن يكون  الإنسان محبا للخير وناويا التسامح و اليسر. لان حب الخير فى الحقيقة حب الناس. والذى  يحب الناس يعاملهم بالاحسان و الرحمة.

وقد حث الله سبحانه تعالى الناس في القرآن الكريم  على فعل الخير فمع هذا نصحهم بأن يكونوا المتوازنين .

وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا{الاسراء-29}

وكما حث الله  سبحانه و تعالى في القرآن الكريم على فعل الخير ومساعدة الناس بكل الوسائل. وأكد في هذه الآية على  أهمية التوازن في عمل الخير والإحسان كما هي مطلوبة في كل شيء . لأن سر ومفتاح  نجاح الإنسان في أعماله الدنيوية و الاخروية هو أن يكون متوازنا مثل ما ينبغى للصحة السليمة. التغذية المتوازنة

ج – التوازن في الكلام والسلوك

ومن أهم عناصر التسامح هو كلام الشخص وأسلوب سلوكه تجاه الأخرين و لا يمكن أن يكون الإنسان متسامحا وهو غير متوازن في كلامه وعلاقته مع الناس.

    هناك أيات كثيرة في القرآن الكريم بهذا الشأن ونذكر هنا  عددا منها :    

وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ{ لقمن-18}

وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ{لقمن-19}

وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا{فـرقان-63}

د- التوزان في العلاقات الإقتصادية

لا يمكن أن يكون الإنسان متسامحا الا بسلوكه  المتوازنة في أعماله وتعامله مع الأخرين . و فى الحقيقة يتعلق كثير من  الإختلافات الحاصلة  بين الناس بالعلاقات الإقتصادية. لو تعامل الناس بالعدل والتوازن مع كل هذه العلاقات لزال كل  الإختلافات. وقد نصح الإسلام  الناس بأن يتعاملوا متوازنين في الحياة الإقتصادية .

وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً{الاسـراء-35}

وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ{رحمن-9}

وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفتش السوق من وقت لأخر كما كان يعيِّن أبو بكر الصديق و عمربن الخطاب رضي الله عنهما المراقبين لتفتيش الأسواق.

عندما ننظر الى سيرة  الرسول صلى الله عليه وسلم لنراه يتعامل في كل أمره متوازنا ينصح الناس بالصدق والإحسان و لا يظلم أحدا من الناس.

ر- دفع السوء بالإحسان

وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم لايطبق مبدأ المقابلة بالمثل وإن كان الحق معه. و كان يدفع السوء بالتي هي أحسن وكان يطالب أصحابه  بهذه المعاملة. لو أن الناس استطاعوا دفع السوء بالتي هي أحسن رغم  صعوبة تحقيق هذا الأمر لتحول العالم إلى مكان السعادة والطمأنينة والاستقرار.

وقد ذكر الله تعالى هذا في عدة آيات من القرآن الكريم:

ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ{المؤمنون-96

وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ{فصلت-34}

وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ{رعد-22}

و قد أكد الله تعالى في الآيات السابقة على أن التسامح يتحقق عند مقابلة السيئة بالحسنة . و معنى ذلك : إن فعلت سيئة أو ارتكبت ذنبا فاعمل حسنة و خيرا.

إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود-114}

وفي هذه الاية أن الحسنة و السيئة عامة لان ذكر الحسنات معرّفة يدل على عموم الحسنات و كذلك ذكر السيئات معرّفة يدل على عموم السيئات لذلك يقصد بهما جميع الخيرات و الاعمال الصالحات و ايضا جميع الذنوب و المحارم.  

ويفهم من الايات السابقة التي ذكرناها:

أن يكون المسلم مؤيدا للإحسان و ناويا به بالرغم من أن دفع السيئة بالحسنة أساس و هو صعب للغاية. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينصح في معاملة الآخرين بكلامه : "لا تقولوا نحن نحسن لمن أحسن إلينا ونسيء إلى من أسائنا" فان مثل هذه المعاملة غير صحيح وأنتم قولوا " لانقابل سوء الاخرين الا بالاحسان   ونحن نقابل إحسان الآخر بالإحسان ولا ولا نظلم الناس وإن أساؤوا إلينا وظلمونا "

الـلام   و التحية

أوصى النبى ص  قراءة السلام و تبادل التحيات

فان التحية و السلام من أحد الاسباب المغذية للتسامح. لو أن شخصين التقيا و بينهما عداوة وهجران ثم سلم أحدهما الآخر لزالت العداوة والهجران التي كانت بينهما. ويحصل بذالك اللين و الطمأنينة في الأفئدة وإن لم يرد الثاني سلام صاحبه ففى هذه الحالة ايضا تخف خصومة و العداوة. ولذلك أمر الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: " أفشوا السلام... (رواه المسلم ) وقال: تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" (رواه البخاري ومسلم)

 

المسامحة الدينية

 

 

وقد بَين نبي الاسلام محمد صلى الله عليه وسلم التسامح بين اهل الأديان و المعتقدات و مفهوم حرية الرأي و التعبير وحرية الناس في اعتقاداتهم و إبداء آرائهم ولا يمكن لأحد أن يسيئ  إلى الأخر بسبب إعتقاده. و في الحقيقة إن هذه الأحكام و المفاهيم قد وردت في القران الكريم.

{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ

إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ {هود-118-119}

كما بُين  في هذه الآية أن الله سبحانه و تعالى خلق الانسان و وهبه القوة و وسيلة الإدراك كالعقل، الذي يصدق به و يكذب، يقبل و يرفض والذي يميز به السيئة من الحسنة، القبيح من الحسن، الخطأ من الصحيح، الباطل من الحق وبعد ذلك تركه حرا مع عقله.

كما يفيد قوله سبحانه و تعالى " إِلا من رحم ربك " بأن الله هو الفاعل المختار يهدي من يشاء من الناس. و على هذا المعنى اعتقد أهل السنة و الجماعة بأن الهداية  والضلالة من الله. وتؤكد  أية 16 من سورة الإسراء و أية 123 من سورة الأنعام هذا المعنى. 

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ {الانعام-112}

     {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا {الاسـراء-16}

{وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرً{فـرقان-20}

{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِّنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا {فرقان-31}

         {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لأَمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ {هود-118-119}

وقد ساعدت تطبيقات النبي  صلى الله عليه و سلم ونصيحته باالتسامح لأمته في تقليل المنازعات التي أنتجها اختلاف الإعتقادات بين الناس. لأن الإكراه و الضغوط تخالف جوهر الدين كما قال الله تعالى في سورة البقرة 256:

      {   لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيم }

                وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا  ( الكهف 29)

         الدين والإعتقاد مرتبط بإرادة  الشخص ولذلك لا قيمة للإعتقاد والعمل الذي يتحقق عن طريق الإكراه واستخدام القوة  لدخول الناس فيه. قد تبين الحق من الباطل كما أفاد القرآن الكريم . يعرف بنو آدم  ما هو  الحق والباطل . وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديثه عدم قيمة السمعة والسلوك المصطنعة في الدين وعدم قبول الأعمال التي تُمارس نتيجة الضغوط والإكراه. وبهذا الإعتبار يدعو الإسلام إلى الإخلاص في الأعمال و يُرى كيفية الدعوة . وقد بين القرآن الكريم كيفية دعوة المنكرين والتسامح لهم. لا يمكن استخدام الضغوط والإكراه إلا في الحرب.

و قد أُكد اسلوب هذه الدعوة في  القرآن الكريم كالتالي : 

{ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}

الآيات التي  وردت في القرآن الكريم  عن المسامحة الدينية كالتالى :

{وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}

{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}

     {أَفَأَمِنُواْ مَكْرَ اللّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}

   {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ}

{وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}

يروى سبب نزول الآية السابقة بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستهين بأصنام المشركين ، فرد المشركون بقولهم :" نحن نسب إلهكم أيضا" ونزلت هذه الآية وأمرت بالتسامح . لأن جميع الناس محاسبون أمام الله . وقد طبق  النبي صلى الله عليه وسلم مبدأ التسامح مدى حياته لا سيما أبدى موقفه التسامحي تجاه غير المسلمين بعد قيام الدولة الإسلامية في المدينة المنورة . وقد راعى الرسول صلى الله عليه وسلم حقوق غير المسلمين في المدينة المنورة  وأمر المسلمين بالمعاملة الطبية لغير المسلمين الذين يعيشون معهم. وقد استوصى النبي صلى الله عليه وسلم خيرا بالجار الغير المسلم.

وقد روي عن  جابر بن عبد الله أنه قال: ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فمرت بنا جنازة ، فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم و قمنا معه ، فذهبنا لنحملها إذا هي جنازة يهودية ، فقلنا : يا رسول الله إنها جنازة يهودية قال : إن للموت فزعاً ، فإذا رأيتم الجنازة فقوموا لها). مسند أحمد  حديث رقم: 14398 ومن هنا يشير الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أمر هام وهو كرامة الإنسان لأن كونه بشرا  شيئ ،  واعتناقه بدين شيئ آخر . حيث علينا مهمات تجاه الأخرين وهذه مهمة إنسانية  وعلينا أيضا مهمات تجاه أخواننا المسلمين لأننا نؤمن جميعا بدين واحد.وهناك حاجة ماسة للتسامح بين الذين يؤمنون بدين واحد. وإذا أمعنا النظر في اسباب الصراعات المذهبية الدائرة بين المسلمين اليوم لنرى عدم التسامح بين الأفراد والجماعات .

ونرى ان سبب عدم التسامح هو التشدد فى المسائل الدينية و فى المعاملات البشرية، كما أن عدم الإهتمام بالأوامر الدينية وعدم الإعتناق بالدين سيء كذلك التشدد في الدين سيئ أيضا. إذا دخل الإنسان في طريقة صوفية أو جماعة دينية يفقد التوازن وينظر إلى الآخرين بنظرة سيئة ولا يمكن أن تتحقق المسامحة عند هذا الشخص لأن على رأيه أن الصحيح الوحيد هو اعتقاده الذي يؤمن به. ولذلك يعتبر الآخرين الذين يخالفون على دينه ضالين. و يهاجم عليهم. وعندما ننظر إلى المسألة  من ناحية الذنب نرى ان هذا الشخص يعامل معاملة سيئة وخشنة لمن يرتكب بعض المحارم. في الحقيقة أن هذه المعاملة غير صحيحة. لأن من يرتكب بعض الذنوب اليوم قد يستقيم ويعمل الحسنات في الغد. ويمكن عكس ذلك. قد يضل غدا من كان مستقيما في اليوم. ومن هنا ينبغي علينا أن نكون متوازنين ولأجل ذلك قال العلماء السلف: " لابد أن يكون الخوف مع الرجاء دائما".

وفي هذا الصدد علينا أن نتناول موضوعا مهما وهو المذاهب الإعتقادية. لماذ لا يكون المسلمون متسامحين بينهم في المسائل التي لا خلاف في جوهرها. وكلنا نؤمن بالقرآن  ويوجد القرآن الوحيد في أيدى جميع المسلمين في العالم ونؤمن بنبي واحد. أذن لماذا يحارب بعضنا بعضا ؟ ولماذا لا نتسامح في  الخلافات التي توجد بيننا فى المسائل الدينية الاعتقادية؟

اسمحوا لي أن أقدم لكم رأيي في هذه المسألة.  إن الاسباب الأساسية  في اختلاف اعتقاد المسلمين هى العلماء و رجال الدين ومشايخ الطرق الصوفية ورؤساء الجماعات . لأن الأفراد والمجتماعات لا يتحركون بدون أي مرشد. لو أن المشايخ ورجال الدين بَينوا بصراحة و قالوا " أن أهل التوحيد وأهل القبلة لايكفر و لا فرق بينهم وكل من آمن بالقرآن ومحمد صلى الله عليه وسلم و هو مؤمن و مسلم والمؤمنون أخوة ولاتستحقرن أحدا ". لان الرسول صلى الله عليه و سلم قال :  " من قال  لا اله الا الله،  محمد رسول الله دخل الجنة "   و لايمكن لمسلم ان يكون عدوا لمسلم آخر بسبب عقيدته و مذهبه. وإذا تحقق ذلك تقل  الإختلافات والصراعات . و هذا الامر موكول على عاتق العلماء  و المشايخ و رئساء  الطرق الصوفية و الجماعات الدينية.  

 

المـسامحة    فى  الاسلام

 

 

السلوك التى تسمى مسامحة  هو سلوك مرتبط بالفكر الأساسي والتفاهم الأصلى وبنمط التفكر والقبول  الذي يعتمد عليه المجتمع والأفراد. و الاسلام كنظام  يعتمد على اساسين: هما القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة . ويلاحظ  تظاهر الإسلام في الشخص المسلم على نوعين: هما الإيمان والعمل .

والآن نلفت النظر إلى هذه الأمور.

إن أهم ميزات الإسلام هو كونه دين التوحيد.  وهذا التوحيد هو اساس لا يمكن التنازل عنه. لأن الله سبحانه وتعالى قد أخبر في القرآن الكريم هكذا" إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ " سورة النساء 48

وعلى هذا ،  الفكر الأساسي في الدين الإسلامي هو عقيدة التوحيد. إذا كان الله يغفر ذنوب من لا يشرك به شيئا  فجدير بالعباد أن يعفوا عن الناس مثل هذه الأخطاء التى لاتصل الى درجة الشرك . وإذا تناولنا هذه المسائل من هذه الزاوية  يمكن التسامح في أخطاء الأفراد دون  الشرك. غير أن التسامح لايجوز في الجرائم التي تلزم الحدود في الفقه الإسلامي . لأن مثل جريمة القتل والسرقة والإجبار والإكراه مالم تقم عليه الحدود لفسد النظام الإجتماعي . في مثل هذه الحالات يأتي العدل والحـد مكان المسامحة . وبناء على ذلك ينبغي أن تحدد حدود التسامح . وفي وقت نفسه يحدد التسامح بحق الفرد وحريته. وفي الحقيقة أن هذه الأمور نظام مرتبط بشيئين. اهمال أحدهما يسبب ازدياد الأخر. وبالتالي يشترط التوازن في استعمالهما.

 

الإسلام دين يسر

 

 

وهناك تفاصيل هامة في القرآن الكريم بهذه المسألة

1.  يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ " سورة البقرة 185

2.  يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا " سورة النساء 28

3.  إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا " سورة النساء 31

وهناك آيات كثيرة في هذا المجال. والشئ المهم كما بيّنا سابقا هو الفكرة الرئيسية . والآيات التي يذكر فيها العفو والمغفرة والرحمة أكثر من الآيات التي يذكر فيها العذاب والعقاب . وفي هذا السياق عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي غلبت غضبي). رواه البخاري حديث رقم: 3022   كتاب بدء الخلق.

فإن مصدر التسامح هو الحب.   وأسمى الحب هو حب الله. من أحب الله أحب خلقه أيضا. كما يقول الشاعر المشهور يونس أمره: " نحب الخلق لاجل الخالق"

والذي نحتاج إليه هو الإيمان المتين المستمد من عقيدة التوحيد والحب والتسامح المعتمد على حب الله. وهذا الذي يطلب الإسلام منا أولا.

للتسامح مجالان:

1.  التسامح فى الأفكار والأراء وتشتمل  احترام الناس ومسامحة الآخرين في عقائدهم و افكارهم و ميولاتهم.

2.  التسامح فى السلوك وتشتمل كل الأعمال التي في حياتنا اليومية.

وللمسامحة صور بارزة في السنة النبوية الشريفة.

و النبي صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في التسامح بمعنى كامل. وقد ذكر هذا في القرآن الكريم.

" فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين  " سورة آل عمران 159

هكذا عامل الرسول صلى الله عليه وسلم من كان حوله من الناس  و العرب بطبيعتهم غلظاء شديد الطبع. و وهب الله رسوله لينا و حلما و رحمة فاصبح لينا و حليما وعامل الناس طول حياته على هذا النهج. وقد خدم أنس رضى الله عنه الرسول صلى الله عليه وسلم مدة عشر سنين . عندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم إلى مدينة المنورة أهدى له كل الناس هدية . ولكن أم أنس لم تجد شيئا تهدي للرسول صلى الله عليه وسلم بسب فقرها. فأهدت ابنها الصغير لخدمة الرسول صلى الله عليه وسلم. ويخبر أنس رضي الله عنه قائلا : " خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين ، والله ما قال لى أف قط ، ولا قال لشيء لم فعلت كذا وهلا فعلت كذا" - رواه الشيخان وأبو داود و الترمذي

بعد فتح مكة خص  النبي صلى الله عليه وسلم زكاة الأموال   للمؤلفة  قلوبهم  وكان على رأسهم معاوية بن أبي سفيان ومنهم أيضا صفوان بن أمية وهو من أشد الناس عداوة للمسلمين وهو يقول:  " أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وإنه كان لأبغض الناس إلي, فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي"ورواه مسلم والترمذي .

هذا هو مبدأ التسامح الإسلامي  يجعل عدو الإسلام،  صديق الإسلام.

وروى الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة رضي الله عنه " إن أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة "

فقال النبي صلى الله عليه و سلم :" إني لم أبعث باليهودية و لا بالنصرانية ، و لكني بعثت بالحنيفية السمحة " مسند أحمد حديث رقم: 21788  حديث أبي أمامة الباهلي الصدي بن عجلان بن عمرو بن وهب الباهلي

عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة"  رواه البخاري

لو أخذنا  وطبقنا هذا الحديث فقط الذى رواه الإمام البخاري  فيكفي ذلك ان نكون متسامحين متساهلين متوازنين و معاشرين الناس بالسهولة.

إن سبب قلة التسامح بين المسلمين على رأينا  هو اقامة العادات و التقاليد القديمة و الحديثة مكان الإسلام.

وعندما ننظر اليوم  إلى وضع  وسلوك المسلمين في العالم الإسلامي  فيؤسفنا الذي نشاهد. ورغم  الصورة العامة تعكس  فىالمساجد والجماعات الإسلامية إلا أن الأفكار السائدة على أفعال وسلوك الناس هي العادات والتقاليد. كل المذاهب والجماعات والطرق الصوفية تدعي أن سلوكها  بالذات هي الإسلام . وفي عالمنا الحاضر خارج العالم الاسلامى تُشكل مؤسسات اهلية مثل المؤسسات الإجتماعية والإقتصادية والسياسية والتجارية والعلمية منظمات عالمية ولكن ليس عند المسلمين مؤسسة تساعد اهل التوحيد .  و نحن اليوم بحاجة ماسة إلى مثل هذه المنظمات الاسلامية.

و خلاصة القول اننا نحتاج الآن الى تأسيس مؤسسات علمية و تعليمية و ثقافية و تجارية و سياحية بين المسلمين و بين البلاد الاسلامية . لو امكن تأسيس هذه المؤسسات الاهلية  لسهل على المسلمين ان يتعارفوا بعضهم بعضا  و يعرفوا تمام المعرفة  ان بينهم لا يوجد خلاف فى المسائل الدينية الاصلية . اما الاختلافات المذهبية العملية  فى الحقيقة لم تكن و لن تكون سبب النـزاع بين المسلمين لان كل مسلم يعرف الآن  ان المذاهب الفقهية كلها حق لان كل هذه المذاهب الفقهية تعتمد على  الكتاب  و السنة.

اما المذاهب  الاعتقادية فهى ايضا فهم و تفسير للكتاب و السنة باستعمال  العقل و المنطق لان كل المذاهب الاعتقادية  كالمذاهب الفقهية لايخرج من دائرة الكتاب و السنة.

و بهذه المناسبة اقدم شكرى الجزيل الى اصحاب السعادة و المعالى الذين اسسوا  هذه المؤسسة ؛ مؤسسة المجمع العالمى للتقريب بين المذاهب الاسلامية . و نحتاج الى تكثير مثل هذه المؤسسات لنُفهّم الناس ان المذاهب سواء كانت فقهية  او اعتقادية هى غنى الفهم و الفكر و التفكير و السهولة فى فهم الدين و تطبيقه بين المسلمين حيث كل مذهب يأخذ بما يناسب عقله و فهمه و تقاليده الاجتماعية .

والله اعلم بمراده.      و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته 

Benzer Konular

EVKAF TOPLANTISINDA SUNULAN TEBİĞ

8-10 eKİM 2009 tarihinde Medine-i Münevvere'de yapılan toplantıda sunulan "Mukayesetü'l-Evkafi'l-Cedide bitürkiye mea'l-evkafi'l-İslamiye" başlıklı Arapça tebliğ metni

AİLE ve AHLAK

Dünya İslam Birliği'nin Mekke'de 31 Mayıs-2 Haziran 2008 tarihlerinde tertiplediği İNSANLIĞIN ORTAK OLDUĞU AİLE VE AHLAK konulu toplantıda sunduğum Arapça tebliğ metnimdir.

HAC MENASİKİ

MENASİKÜ'L-HAC TEBLİĞ METNİ